في الشارع الخامس حيّاني . بكى . مال على السور | |
الزجاجي ، ولا صفصاف في نيويورك. | |
أبكاني . أعاد الماء للنهر . شربنا قهوه . ثم افترقنا في | |
الثواني . | |
منذ عشرين سنه | |
وأنا أعرفه في الأربعين | |
وطويلا كنشيد ساحليّ ، وحزين | |
كان يأتينا كسيف من نبيذ . كان يمضي كنهايات | |
صلاه | |
كان يرمي شعره في مطعم " خريستو" | |
وعكا كلها تصحو من النوم | |
وتمشي في المياه | |
كان أسبوعا من الأرض ، ويوما للغزاه | |
ولأمّي أن تقول الآن : آه! | |
ليديه الورد والقيد . ولم يجرحه خلف السور ألّا | |
جرحه السيّد . عشّاق يجيئون ويرمون المواعيد . | |
رفعنا الساعد الممتددشنا العناقيد اختلطنا في | |
صراخ الفيجن البريّ . كسرنا الأناشيد . انكسرنا | |
في العون السود . قاتلنا . قتلنا. ثم قاتلنا . وفرسان | |
يجيئون ويمضون . | |
وفي كل فراغ | |
سنرى صمت المغني أزرقا حتى الغياب | |
منذ عشرين سنه | |
وهو يرمي لحمه للطير والأسماك في كل أتجاه | |
ولأمّي أن تقول الآن : آه ! | |
أبن فلّاحين من ضلع فلسطين | |
جنوبيّ | |
شقيّ مثل دوريّ | |
قوي | |
فاتح الصوت | |
كبير القدمين | |
واسع الكفّ . فقير كفراشه | |
أسمر حتى التداعي | |
وعريض المنكبين | |
ويرى أبعد من بوابة السجن | |
يرى أقرب من أطروحة الفن | |
يرى الغيمة في خوذة جندي | |
يرانا ، ويرى كرت الأعاشه | |
وبسيط .. في المقاهي واللغه | |
ويحب الناي والبيره | |
لم يأخذ من الألفاظ إلّا أبسط الألفاظ | |
سهلا كان كالماء | |
بسيطا .. كعشاء الفقراء . | |
كان حقلا من بطاطا وذره | |
لا يحب المدرسه | |
ويحب النثر والشعر | |
لعلّ السهل نثر | |
ولعلّ القمح شعر. | |
ويزور الأهل يوم السبت | |
يرتاح من الحبر الألهي | |
ومن أسئلة البوليس. | |
لم ينشر سوى جزئين من أشعاره الأولى | |
وأعطانا البقيه | |
شوهدت خطوته فوق مطار اللد من عشر سنين | |
واختفى... | |
كان ما سوف يكون | |
فضحتني السنبله | |
ثم أهدتني السنونو | |
لعيون القتله | |
.. شاحبا كالشمس في نيو يو رك: | |
مناين يمرّ القلب ؟ هل في غابة الأسمنت ريش لحمام؟ | |
وبريدي فارغ . والفجر لا يلسع . | |
والنجمة لا تلمع في هذا الزحام . | |
ومسائي ضيّق . جسم حبيبي ورق . لا أحد حول | |
مسائي " يتمنى أن يكون النهر والغيمه" .. من | |
أين يمرّ القلب ؟ من يلتقط الحم الذي يسقط قرب | |
الأوبرا والبنك ؟ شلاّل دبابيس سيجتاح الملذات | |
التى أحملها . | |
لا أحلم الآن بشيء | |
أشتهي أن أشتهي | |
لا أحلم الآن بغير الانسجام | |
أشتهي | |
أو | |
أنتهي | |
لا . ليس هذا زمني | |
شاحبا كالشمس في نيويورك | |
أعطيني ذراعي لأعانق | |
ورياحي لأسير | |
ومن المقهى الى المقهى . أريد اللغه الأخرى | |
أريد الفرق بين النار والذكرى | |
أريد الصفة الأولى لأعضائي | |
وأعطيني ذراعي لأعانق | |
ورياحي لأسير | |
ومن المقهى ألى المقهى | |
لماذا يهرب الشعر من القلب أذا ما أبتعدت يافا ؟ لماذا | |
تختفي يافا أذا عانقتها ؟ | |
لا ليس هذا زمني | |
وأريد الصفة الأولى لأعضائي | |
وأعطيني ذراعي لأعانق | |
ورياحي لأسير | |
... واختفى في الشارع الخامس ، أو بوابة القطب | |
الشماليّ . ولا أذكر من عينيه ألا مدنا تأتي وتمضي. | |
وتلاشى ، وتلاشى... | |
والتقينا بعد عام في مطار القاهرة | |
قال لي بعد ثلاثين دقيقه | |
" ليتني كنت طليقا | |
في سجون الناصرة " | |
نام أسبوعا . صحا يومين . لم يذهب مع النيل ألى الأرياف | |
لم يشرب من القهوة إلّا لونها . | |
لم يرى المصري في مصر | |
ولم يسأل سوى الكتّاب عن شكل الصراع الطبقي | |
ثم ناداه السؤال الأبديّ الاغتراب الحجري | |
قلت : من أي نبيّ كافر قد جاءك البعد النهائيّ ؟ | |
بكى من كسل في نظراتي . هل تغيّرت ؟ | |
تغيّرت . ولم تذهب حياتي | |
عبثا . | |
مال ألى النيل وقال : النيل ينسى ؟ | |
قلت : لا ينسى كما كنا نظنّ | |
وتذكّرنا معا أيقاعنا الماضي | |
وموجات السنونو فوق كف تقرع الحائط | |
والأرض التي نحملها في دمنا كالحشرات | |
وتذكرنا معا أيقاعنا الماضي وموت الأصدقاء | |
والذين اقتسموا أيّامنا ، وانتشروا | |
لم يحبونا كما كنّا نشاء | |
لم يحبونا ولكن عرفونا.. | |
كان يهذي عندما يصحو . ويصحو عندما يبكي | |
ويمشي كخيام في البعيد العربيّ | |
ذهب العمر هباء | |
وفقدت الجوهري | |
واختفى قرب غروب النيل | |
أعددت له مرثية أخرى وجنّاز نخيل | |
يا انتحاري المتواصل | |
أوقف العمر لكي نبدأ من أي رحيل | |
وتأجّج كنباتات الجليل | |
وتوهّج كقتيل | |
يا انتحاري المتواصل | |
قف على ناصية الحلم وقاتل | |
فلك الأجراس ما زالت تدقّ | |
ولك الساعة ما زالت تدقّ | |
وتلاشى مرة أخرى | |
وخانتني الغصون | |
كان ما سوف يكون | |
فضحتني السنبلة | |
ثم أهدتني السنونو | |
لسيوف القتله | |
كانت نيويورك في تابوتها الرسمي تدعونا ألى تابوتها . | |
في الشارع الخامس حيّاني . بكى . مال على نافورة | |
الاسمنت . لا صفصاف في نيويورك . أبكاني . | |
أعاد الظل للبيت . اختبأنا في الصدى . هل مات | |
منّا أحد ؟ كلّا . تغيّرت قليلا ؟ لا . هل الرحله | |
ما زالت هي الرحله والميناء في القلب ؟ . نعم. | |
كان بعيدا وبعيدا ونهائيّ الغياب | |
دخّن الكأس.. | |
تلاشى | |
كغزال يتلاشى | |
في مروّج تتلاشى في الضباب | |
ورمى سيجارة في كبدي وارتاح | |
لم ينظر إلى الساعة | |
لم يسرقه هذا القمر االواقف تحت الطابق العاشر في | |
منهاتن . التفّ بذكراه .. تغشّاه رنين الجرس | |
السريّ . مرّت بين كفينا عصافير عصافير و موت | |
عائليّ . ليس هذا ومني . عاد شتاء آخر . ماتت | |
نساء الخيل في حقل بعيد . قال إنّ الوقت لا يخرج | |
مني . فتبادلت و قلبي مدنا تنهار من أوّل هذا | |
العمر حتى آخر الحلم .. | |
أنبقى هكذا نمضي إلى الخارج في هذا النهار البرتقاليّ | |
فلا نلمس إلاّ الداخل الغامض ؟ | |
من أين أتيت ؟ | |
إخترقت عصفور رمحا | |
فقلت اكتشفت قلبي | |
أنبقى هكذا نمضي إلى الداخل في هذا النهار البرتقاليّ | |
فلا نلمس إلاّ شرطة الميناء ؟ | |
يهذي خارج الذكرى : أنا الحامل عبء الأرض ، | |
و المنقذ من هذا الضلال . الفتيات انتعلت روحي | |
و سارت . و العصافير بنت عشّا على صوتي و شقّتني | |
و طارت في المدى .. | |
لم يتغيّر أيّ شيء | |
و الأغاني شردتني شردتني | |
ليس هذا زمني . | |
ل ،ا ليس هذا وطني . | |
لا ليس هذا بدني . | |
كان ما سوف يكون | |
فضحنه السنبلة | |
ثم أهدته السنونو | |
لرياح القتله .. |
[7:03 م
|
0
التعليقات
]
0 التعليقات
إرسال تعليق